قالت صحيفة 'الاندبندنت' في تقرير لها عما اسمتها 'ام معارك الفساد' ان ازمة الفساد المستشري في العراق وخطط اعتقال اكثر من الف مسؤول تسارعت بعد شريط فيديو اظهر مسؤولا في وزارة التجارة في حفلة وهو يشرب الخمر ويتراقص مرحا مع عاهرات وينتقد نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي. وتم تبادل صوت الشخص الذي صور فيلم الفيديو من هاتف نقال لاخر في بغداد وسمع وهو يقول للبنات 'انت قبل المالكي'.
ويعتقد ان من بين الحاضرين للحفلة اخوة لوزير التجارة عبدالفلاح السوداني والمتحدث باسم وزارة التجارة. وتمثل مشكلة الفساد التي ولدت داخل الاحتلال مسألة يرى فيها الامريكيون عائقا للتقدم وتحقيق انجازات يرون انها ضرورية من اجل انسحاب قواتهم من العراق.
ولا تغيب مشكلة الفساد المستشري عن انتباه اي تقرير تعده وزارة الدفاع الامريكية او المفتش العام للاعمار الامريكي. كما ان الكشف عن حجم فساد كبير داخل وزارة الداخلية مثير للجدل من ناحية انها مسؤولة عن توزيع حصص المساعدات المخصصة لملايين العراقيين، ذلك ان نسبة 60 بالمئة تعتمد على مشروع الحصص. وتنفق الوزارة مليارات الدولارات على شراء الارز والطحين والسكر والزيت وغير ذلك من الحاجيات الاساسية. ومسؤولوا الوزارة معروفون باستيراد مواد غير صالحة للاستهلاك البشري كطريقة للاختلاس. وكانت فضيحة الفساد قد خرجت للعلن في نيسان (ابريل) عندما حاولت الشرطة القاء القبض على عشرة مسؤولين متهمين بالفساد حيث اندلعت مناوشة نارية امام الوزارة مع الشرطة مما اعطى فرصة للمتهمين للفرار بمن فيهم شقيقا وزير التجارة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول لجنة النزاهة قوله ان شريط الفيديو لاعضاء وزارة التجارة في حفلة يعتبر لا اخلاقيا. واشار الى ان الشريط يمثل اثر المحسوبية ومحاباة الاقارب من مسؤولين يبذرون اموال الوزارة على الحفلات وعلى الاقارب. وكان السوداني قد انكر كل التهم الموجهة اليه بارتكاب مخالفات واستقال يوم الاحد بعد القاء القبض على احد اشقائه ومساعد له في مدينة السماوة التي تبعد 140 ميلا عن العاصمة بغداد وعثر في سيارته على ذهب ومواد نقدية وبطاقات وهويات شخصية. وبحسب تقرير منظمة الشفافية العالمية يعتبر العراق ثاني او ثالث افسد دولة في العالم بعد الصومال وبورما وذلك من بين 180 دولة. وعلى الرغم من كميات النفط التي يصدرها العراق والاموال التي تراكمت في العام الماضي بعد ارتفاع اسعار النفط الا ان غالبية العراقيين يعيشون على حافة الفقر، فمن بين 27 مليون عراقي هناك نسبة 20 ـ 25 بالمئة تعيش تحت خط الفقر ويعتمدون على 66 دولارا في الشهر.
ويعتقد ان افراد عائلة الوزير قاموا بمراكمة الملايين من العمولات التي تلقوها على شحنات السكر، فيما قام المالكي بزيارة الوزارة وقال ان مكتبه سيقوم بتسلم مهام الوزارة، فيما تم تشكيل لجنة من اجل الاشراف على عمليات استيراد المواد الاساسية لبرنامج الغذاء. وتعهد المالكي ان حكومته لن تسكت على الفساد وستعمل على جلب الفاسدين امام القانون.
وكانت لجنة النزاهة قد اصدرت في شهر نيسان (ابريل) 387 قرار القاء قبض على مسؤولين منهم 51 رئيس قسم وان لديها خططا لقرارات القاء القبض على 997. وفيما يتعلق باللجنة الجديدة التي ستشرف على برنامج المساعدات فان اعضاءها سيختارون من مكتب المالكي، وسكرتارية الحكومة ولجنة النزاهة. واكد المالكي على ان اللجنة الجديدة ستقوم بشراء المواد الاساسية وتوقيع الصفقات بطريقة مناسبة وبدون الاعتماد على الوسطاء.
وقالت الصحيفة ان العراقيين لن يقتنعوا باجراءات الحكومة واعلاناتها حتى يروا الحكومة تقوم باعتقال الجناة وتقدمهم للمحاكمة، مشيرة الى ان وزارة التجارة ليست الا واحدة في صف وزارات فاسدة، خاصة ان المسؤولين في الحكومة عادة ما يشترون المناصب والتي يرونها استثمارا جيدا من اجل الحصول على الاموال.
وقالت ان وزارة التجارة ليست الوحيدة التي تستورد الاطعمة الفاسدة او المنتهية صلاحيتها، فمثلا قامت وزارة المهجرين والهجرة باستيراد مواد عفنة من ملابس لا تصلح للصيف الحار الذي كان سكان حي الصدر يأملون بتجنبه، وكانوا يتوقعون مساعدات من الملابس والطعام.
واحتوت الحاويات كذلك على علب من التونا واحذية اطفال. ويرى عدد من سكان الحي ان المسؤولين وضعوا معظم المال في جيوبهم وهو المال الذي خصص للمساعدات. وترى الصحيفة ان انهيار نظام المساعدات الذي بدأ في عهد الرئيس السابق صدام حسين عام 1995 يهدد ملايين العراقيين بالجوع. وتتكون حزمة المساعدات الغذائية من ارز ـ 3 كيلو للفرد، سكر ـ 2 كيلو، طحين ـ 9 كيلو، زيت طبخ - 1.25 كيلو، حليب ـ 250 غراما، شاي ـ 200 غراما، اضافة الى علب لوبيا وحليب اطفال وصابون ومواد تنظيف ومعجون طاطم. وبحسب احصائية لوزارة التخطيط والتطوير والتعاون وجدت ان 18 بالمئة لم يتلقوا حصصهم لمدة 13 شهرا، فيما لم تتلق نسبة 32 بالمئة مساعدات تموينية منذ 12 شهرا. وعندما يحصل المواطنون على الحصص الغذائية فانها تكون في حالة سيئة ويقولون ان طعم الشاي كريه ولا يحتمل. ويرى مراقبون ان الحملة على الفساد سياسية وتتزامن مع الحملات الانتخابية والتحضير لها والتي ستجرى في نهاية العام الحالي، خاصة ان وزير التجارة هو من كتلة المالكي وحزبه، الدعوة