واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية -- أدى الرئيس الأمريكي المنتخب
باراك حسين أوباما اليمين الدستورية الثلاثاء، ليصبح الرئيس الرابع والأربعين
للولايات المتحدة، وأول رئيس من أصول أفريقية.وكان قد سبقه إلى منصة القسم لحلف اليمين نائبه جو بايدن وسط حشود غفيرة قدرت
بمليوني شخص وضاقت بهم حديقة "ناشونال مول" في العاصمة واشنطن.
وبعد أداء يمين القسم على الإنجيل الذي أدى عليه بطله القومي الرئيس الأسبق
أبراهام لنكولن القسم خلال حفل تنصيبه عام 1860، بدأ أوباما خطاب تنصيبه بالإعراب
عن الشكر للرئيس السابق جورج دبليو بوش.
وقال "أشكر الرئيس بوش لخدمته أمتنا بالإضافة إلى كرمه وتعاونه اللذين أظهرهما
خلال عملية انتقال السلطة."
ومن ثم انتقل أوباما ليوجه كلامه للشعب الأمريكي مقدماً تقييماً جدياً إزاء موقع
الولايات المتحدة ورؤية مفعمة بالأمل لما يمكن أن تكون عليه البلاد.
وقال أول رئيس من أصول أفريقية للولايات المتحدة "اليوم أقول لكم أن التحديات
التي نواجهها حقيقية، وجدية.. وهي عديدة. سيكون من الصعب مواجهتها أو حلها في فترة
قصيرة، لكن اعلموا هذا، أمريكا- سيتم مواجهتها."
كذلك تعهد أوباما بإنهاء حالة الانقسام بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
وأشار أوباما إلى العيوب في أروقة واشنطن، متعهداً بمحاسبة أياً ممن يتعامل
مباشرة بأموال دافعي الضرائب من الشعب الأمريكي.
وقال الرئيس الأمريكي أوباما "وهؤلاء ممن يتعامل مع الأموال العامة سيحاسب..
الانفاق بحكمة، وإصلاح العادات السيئة وإنجاز أعمالنا في وضح النهار.. لأنه فقط
عندها يمكننا إعادة الثقة الحيوية بين الشعب وحكومتهم."
كما حيى أوباما حركة الحقوق المدنية خلال تنصيبه معلناً "هذا هو معنى الحرية
والعقيدة (بأمريكا) لماذا الرجال والنساء والأطفال من كافة الأعراق والأديان يمكنهم
المشاركة بالاحتفال في أرجاء هذا المكان الشاسع، ولماذا ابن رجل ربما رفضت خدمته في
مطعم محلي قبل 60 عاماً، يقف الآن أمامكم ليؤدي أقدس الأقسام."
أوباما الذي ارتدى بدلة كحلية وربطة عنق حمراء قال إن البلاد "في خضم أزمة"، وفي
"حرب وضد شبكة بعيدة النطاق من العنف والكراهية. اقتصادنا أُضعف بشكل كبير، نتيجة
الطمع وعدم المسؤولية، من قبل البعض كذلك بسبب فشلنا الجماعي لاتخاذ قرارات صعبة
وتحضير الأمة لعصر جديد.."
بموازاة ذلك، كشفت وزارة الأمن القومي الثلاثاء أن المسؤولين الأمنيين
الفيدراليين يدققون في تهديد غير محدد في يوم القسم.
وجاء في بيان الوزارة المقتضب "أن السلطات على كافة المستويات تسعى بفعالية لأي
خيط على صلة بالتهديد. وقد تم إيجاز الفريق الانتقالي.."
ويحقق مكتب التحقيقات الفيدرالي بمصدرين استخباراتيين يشيران إلى أن منظمة "حركة
الشباب المجاهدين الإرهابية التي تتخذ من الصومال مقراً لها" ربما تخطط لهجوم
يتزامن مع حفل التنصيب الثلاثاء، وفق ما أعلنه الـFBI ووزارة الأمن القومي في بيان
مشترك حصلت على نسخة منه الشبكة.
يُذكر أن وزيرة الخارجية الأمريكية التي انتهت ولايتها الثلاثاء، كانت قد صنفت
المنظمة ضمن المنظمات الإرهابية.
المحطات التي سبقت مراسم تنصيب أوباماوكان أوباما وفي طريقه مع أسرته لأداء القسم وفق البرنامج الرسمي لليوم
التاريخي، قد وصل وقرينته ميشيل إلى كنيسة "سان جان" عند الساعة 08:49 صباحاً
للمشاركة في قداس خاص بمناسبة مراسم القسم.
وبعد القداس الذي بدأ الساعة التاسعة صباحاً، توجه الرئيس وعقيلته إلى البيت
الأبيض للاجتماع مع الرئيس جورج بوش وعقيلته لورا، حيث انضم لهم نائب الرئيس المقبل
جو بايدن وعقيلته أيضاً قبل توجههم جميعاً إلى مبنى الكابيتول لبدء حفل تنصيب
الرئيس الـ44 وبدء فصل جديد في تاريخ الولايات المتحدة.
يُذكر أن الكنيسة تقع قرب البيت الأبيض، وحديقة "لافييت."
حشود غفيرة غصت بها حديقة ''ناشونال مول.''
هذا وتحت إجراءات أمنية غير مسبوقة يشارك فيها عشرات الآلاف من العملاء
الفيدراليين وقوات الأمن في البر والبحر والجو، يبدأ تاريخ الولايات المتحدة
الأمريكية فصلاً جديداً بتنصيب باراك أوباما، كأول رئيس أمريكي أسود.
وعجزت السلطات الأمريكية عن تقدير أعداد الحشود الهائلة التي ستشارك في الحدث
التاريخي، ففيما تشير التقديرات إلى أن عدد المشاركين في الفعاليات المختلفة
لمراسيم تنصيب الرئيس الـ44 للولايات المتحدة، تتراوح ما بين مليون إلى مليوني
شخص، فشل المسؤولون في تحديد الأرقام الفعلية.
وقال منظمون إن المناطق الأمنية حول مبنى "الكابيتول" ستتسع لنحو 280 ألف شخص
بالإضافة إلى قرابة 300 ألف آخرين في المنطقة المجاورة لحفل التنصيب.
ونشر عشرات الآلاف من قوات الشرطة والعملاء الفيدراليين والحرس القومي في البر
والبحر والجو، في سياق جهود أمنية غير مسبوقة لضمان مراسم تنصيب آمنة لأول رئيس
أمريكي أسود.
وسيحاط أوباما بأكبر قدر من الزجاج المضاد للرصاص لم يسبق وأن أقيم حول سياسي
أمريكي، كما ستفوق أعداد العناصر الأمنية التي ستوفر الحماية له، أي إجراءات أمنية
اتخذت لمسؤول أمريكي في التاريخ.
ويعقد الأمريكيون آمالاً كبيرة على أوباما، الذي رفع شعار التغيير وتوحيد البلاد
التي شقها قرار غزو العراق وكيفية التعامل مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة ويقسمها
إسفين العقائد والعرق والثقافات المتعددة.
وتحدث وزير الأمن القومي الداخلي الأمريكي، مايكل شيرتوف، عن الاستعدادات
الأمنية قائلاً: "سنراقب وبدقة كل دقيقة من الآن وحتى انتهاء فعاليات العشرين من
الشهر."
واستبق الرئيس الأمريكي المنتخب حفل تصيبه بالإشادة بغريمه الجمهوري الذي هزمه
في الانتخابات الرئاسية، السيناتور جون ماكين.
وقال خلال حفل عشية أدائه القسم: "أنا هنا لأقول كلمات قليلة عن بطل أمريكي
عرفته جيداً وأكن له كل التقدير.. السيناتور جون ماكين."
وناشد أوباما كافة المشاركين في الحفل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري وضع
الخلافات الحزبية السياسية جانباً.
ويترقب الأمريكيون كلمة التنصيب التي سيلقيها أوباما، نقلت تقارير أنها ستستغرق
17 دقيقة يحث خلالها الشعب الأمريكي على الوحدة خلف عقيدة مشتركة هي "تجديد الوعد
الأمريكي"، كما سيشدد على الحاجة لإبداء المزيد من المسؤوليات على الصعيد الشعبي
والحكومي لإعادة البلاد إلى مسارها.
ويرث الرئيس الأمريكي الجديد تركة ثقيلة أبرزها أزمة الشرق الأوسط والعراق وأزمة
اقتصادية طاحنة وارتفاع معدلات البطالة، وحرب لا تلوح لها نهاية في أفغانستان.
على صعيد متصل، سيشارك نائب الرئيس الأمريكي، ديك تشيني، في مراسيم تنصيب أوباما
الثلاثاء من على كرسي متحرك بعد تعرضه لإصابة في الظهر.[i
وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض، دانا بيرنو، إن تشيني أصيب بشد عضلي في الظهر:
"وبناء على توصية الطبيب، سيستخدم نائب الرئيس كرسياً متحركاً على مدى الأيام
القليلة المقبلة، ويتضمن ذلك حفل التنصيب غداً (الثلاثاء).
وأردفت قائلة: "نائب الرئيس يتطلع للمشاركة في أنشطة التنصيب التاريخية